مصادر “الثنائي” لـ”أحوال”: تنفيذ مذكّرة التوقيف سيفجّر الشارع
عون للمعترضين على البيطار: لماذا تخافون القاضي؟
يُسجل ملف تحقيقات المرفأ المزيد من التطورات المتسارعة التي تنذر بانفجار سياسي – أمني حتمي فيما لو نفّذت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي مذكّرة توقيف النائب علي حسن خليل، وذلك بعدما أعادت النيابة العامة التمييزية الكرة إلى ملعب الأجهزة الأمنية.
ولم تمضِ أيام قليلة على تأكيد المحقّق العدلي بقضية المرفأ، القاضي طارق البيطار، تنفيذ مذكّرة التوقيف بحق حسن خليل بشكل فوري وعاجل وأحالها إلى النيابة العامة، حتى رمت الأخيرة الكرة وأحالتها إلى الأجهزة الأمنية للتنفيذ خارج دورة الانعقاد العادي لمجلس النواب الذي ينتهي بعد أسبوعين. فيما أفيد أن البيطار مصرّ على تنفيذ “المذكّرة”، ما سيرفع نسبة التوتر السياسي والطائفي في البلد ويهدّد السلم الأهلي والاستقرار الداخلي.
فما هي المفاعيل القانونية للإحالة؟ وهل يحق للأجهزة الأمنية رفض تنفيذها في ظل تمنع اللواء عماد عثمان عن ذلك لأنها تهدد السلم الأهلي والاستقرار العام؟ وهل يخفي الإصرار على توقيف خليل قراراً سياسياً باستدراج البلد الى فتنة جديدة في الشارع؟
رأت مصادر قانونية وسياسية لـ”أحوال” في إصرار المحقق العدلي على تنفيذ مذكرة التوقيف إمعان بمخالفة الدستور والأصول القانونية وتسييس الملف لأهداف مبيتة، في حين أوضح الخبير الدستوري والقانوني، د. عادل يمين لـ”أحوال” أنه “استناداً إلى أحكام المادة 207 وما يليها من قانون تنظيم قوى الأمن الداخلي رقم 17 تاريخ 6 أيلول 1990، فإنّ مدير عام قوى الأمن الداخلي وضباط قوى الأمن الداخلي والرتباء في القطعات الإقليمية وفي الشرطة القضائية، هم ضباط عدليون مساعدون للمدعين العامين، وتُوجِه السلطات العدلية مراسلاتها إلى قادة وآمري ورؤساء القطعات في قوى الأمن الداخلي، فيعمل هؤلاء على تنفيذ ما هو مطلوب منها، واستناداً إلى المادة الأولى من القانون ذاته تشمل مهام قوى الأمن الداخلي تنفيذ الإنابات والتكاليف القضائية والأحكام والمذكرات العدلية في مجال الضابطة العدلية، وبحسب أحكام المادة المادة 38 من قانون أصول المحاكمات الجزائية، يقوم بوظائف الضابطة العدلية تحت إشراف النائب العام لدى محكمة التمييز، النواب العامون والمحامون العامون”.
وأضاف يمين: “يساعد النيابة العامة ويعمل تحت إشرافها في إجراء وظائف الضابطة العدلية كل في حدود اختصاصه المنصوص عليه في هذا القانون وفي القوانين الخاصة به، مدير عام قوى الأمن الداخلي وضباط قوى الأمن الداخلي والشرطة القضائية والرتباء العاملون في القطاعات الإقليمية ورؤساء مخافر قوى الأمن الداخلي وآخرون، وبناء عليه القوى الأمنية ملزمة بتنفيذ المذكرة”.
وفيما يسري الهمس في الكواليس بأن بعض الجهات طرحت أن يقوم جهاز أمن الدولة بتنفيذ المذكرة بحال تخلف قوى الأمن الداخلي عن ذلك، أوضح يمين أن النيابة العامة أحالت المذكرة الى الأجهزة الأمنية ومن ضمنها مديرية قوى الأمن الداخلي، وبالتالي يمكن أن ينفّذها أمن الدولة بحال وصلته الإحالة.
وفي حين رأت مصادر أخرى بقرار النيابة العامة تنفيذ المذكرة لانتهاء دورة انعقاد المجلس “تسوية مؤقتة” لتأجيل المشكلة، اتهمت مصادر نيابية البيطار باستغلال اقتراب نهاية العقد العادي لمجلس النواب للدفع باتجاه تحريك مذكرة توقيف وزير المال السابق، ما يفضح التوقيت المريب والمشبوه الذي اختاره البيطار ومن يقف خلفه لإعادة تحريك الملف، بعدما تراجع لصالح البحث عن تسوية سياسية – قضائية في اللقاء الرئاسي الثلاثي في عيد الاستقلال، ما يعني بحسب ما قالت المصادر لـ”أحوال” إن “جميع الحلول وصلت إلى طريق مسدود والبيطار ماضٍ في مشروعه المدعوم من جهات داخلية وخارجية لأهداف سياسية بحتة”، محذّرة من جرّ البلد إلى مشهد مشابه لأحداث الطيونة.
ولفتت المصادر إلى أن “الكرة في ملعب المديرية العامة القوى الأمن الداخلي التي سبق وأبلغت المراجع السياسية والقضائية المعنية بأنها لن تستطيع تنفيذ المذكرة، كون ذلك يهدد السلم الأهلي”، مرجحة تكرار اللواء عماد عثمان تحفظه على المذكرة لصعوبة تنفيذها.
وما يزيد المشهد قتامة هو ما نقله اليوم زوار رئيس الجمهورية ميشال عون عنه لـ”موقعنا” بأنه مستمر في موقفه الداعم للمحقق العدلي الحالي وانتقاده موقف “حزب الله” في هذا الملف وقوله “إذا أخطأ صديقك عليك أن تقول له أخطأت، لا أن تصمت”.
وخاطب عون، بحسب الزوار، المعترضين على أداء البيطار قائلًا: “لماذا تخافون من القاضي؟ فالقاضي ليس بظالم وانتظروا انتهاء تحقيقاته قبل الحكم عليها”.
وعلم “أحوال” أن الخلاف بين بعبدا والضاحية في ملفَي المرفأ والحكومة يتعمّق ولم تنجح المساعي الجارية بين الطرفين بعيداً عن الإعلام في التوصّل إلى تسوية مرضية لهما حتى الساعة، فـ”حزب الله” لا يزال يرفض مشاركة وزرائه في جلسة مجلس الوزراء قبل تنحّي البيطار بقرار من الحكومة، فيما يرفض عون تدخل السلطة التنفيذية بعمل السلطة القضائية.
واستبق المفتي الجعفري الممتاز، الشيخ أحمد قبلان، الأخبار الآتية من قصر العدل، بهجوم عنيف على القاضي البيطار وذلك عبر كتاب مباشر وجهه إلى “الشعب اللبناني المظلوم” بحسب وصفه، متهماً المحقق العدلي بتنفيذ مشروع سياسي خارجي “حتى لو وصل الدم للركب”.
وعكس موقف قبلان مناخاً من الغضب يسود أجواء ثنائي “أمل” و”حزب الله” الذي اتخذ القرار بمواجهة المحقق العدلي بشتى الوسائل، وصولاً إلى مرحلة العودة الى الشارع بحسب ما أكدت أوساط “الثنائي” لـ”أحوال”، مشيرة الى أن “مذكرة البيطار لا تقدّم ولا تؤخّر سوى أنها تزيد التوتر، وما بني على باطل فهو باطل، والثنائي لا يعترف بكل القرارات والمذكرات التي يصدرها البيطار”.
وحذّرت من أن أي “دعسة ناقصة أو اللعب بالتوازنات السياسية والطائفية وبأمن البلد، سيهدد السلم الأهلي ويدفع الأمور إلى انفجار واسع النطاق لا سيما في ظل الظروف الاقتصادية والحقن الطائفي السائد على مسافة أشهر قليلة من الانتخابات النيابية”.
محمد حمية